ابنة المعلمة
مذ جلست على مقاعد الدراسة وهي تكرر السؤال الذي يحمل الأمنية ذاتها:
لماذا لست «آنسة» في مدرستي؟
تريد الطالبة أن تكون والدتها مدرسة، كي تحظى بالمزايا التي تتمتع بها ابنة، ابن المعلمة:
ذنبها مغفور، إذا لم تنجز واجباتها المدرسية، أو لم تحفظ دروسها، لديها أكثر من فرصة لإعادة ورقة الامتحان إليها لعلها تستكمل الحل الذي لم تعرفه في الوقت المخصص لبقية زملائها، فدموعها غالية على الجميع ولا يمكن تحملها !
تستثنى من العقوبات الجماعية، وترى أنها غير معنية بأي أوامر من المعلمات كالوقوف على الحائط، أو «طب» الرأس على المقعد….الخ.
عندما تخرج المعلمة من الصف سواء لوقت طويل أو قصير تنوب مكانها ابنة المعلمة تلقائياً، وتكون قد حفظت كل أدوات وطرق تأديب الطلاب تصرخ وترفع صوتها على زملائها وتفرض هيبتها. اقتنع أغلب التلاميذ أن عليهم تنفيذ طلبات ابنة المعلمة تماماً كالمعلمة ذاتها لأن من يتمرد عليها كمن تمرد على المعلمة بحد ذاتها، وغالباً ما ينال العقاب عندما تصل الشكوى لأي من أفراد الكادر التدريسي.
لأنها ابنة المعلمة ومعظم المعلمات يتعاملن معها بأسلوب مختلف عن بقية الطلاب في الصف، كي تتم المعاملة بالمثل فيما بينهم، تجد أن العلاقة أنموذجية بينها وبين الكادر التدريسي في المدرسة، الجليد مكسور، والخوف مفردة غائبة، أي شكل أنموذجي للعلاقة بين الطالب ومدرسيه فيما لو تم تعميم هذا الأسلوب. أما عامة الطلاب فيتمنون لو كانوا ممن يحظون ببعض من هذه المزايا، بينما بعضهم الآخر اقتنع أنه درجة ثانية وتلك الطريقة الحضارية خاصة بذوي الحظوة.
ليست متفوقة دائماً ، ولكن حصيلة علاماتها في تفوق دائم بكل المواد. تدخل المدرسة ثم الصف كمن يدخل بيته بلا قلق من عقوبة أو خوف من تأنيب أو أي حادثة طارئة.
زملاؤها اعتقدوا واقتنعوا بعدما دخلوا المدرسة وجلسوا على مقاعدها أن الناس ليسوا كأسنان المشط، وأن الذكاء ليس السبيل الوحيد للتميز.
عندما يكبرون ويصلون للمرحلة العملية تكون الحياة قد مرنتهم على خلاصة مفادها: إن الأشخاص لا يحصلون دائماً على الأفضل لأنهم يملكون المؤهلات.
يقول مختصون: إن الشعور بالمساواة، والعدالة أهم عناصر الشعور بالذات والمواطنة.
تشرين – يسري ديب
.
.