الرئيسية / أخبار العرب / تكريت بين الدورين الأميركي والإيراني..

تكريت بين الدورين الأميركي والإيراني..

تكريت بين الدورين الأميركي والإيراني..

وكأنّ مشهد القصير السورية يتكرّر أمامنا في تكريت، فكما كانت القصير نقطة انطلاق مرحلة الهجوم المضاد للجيش السوري يبدو أنّ تكريت ستشكّل نفس العنوان بالنسبة للعراق.
إلّا أنّ المشهد في العراق يختلف عن المشهد السوري، فأميركا التي تعتبر الجماعات المسلّحة في سورية ثوّاراً تعتبرهم في العراق إرهابيين، وجنّدت لهذا الغرض إمكانيات هائلة جدًّا تحت عنوان التحالف الدولي، ولكنّها في العنوان الرئيسي أشار أوباما الى إمكانية استمرار الحرب على الإرهاب لسنوات طويلة وهو أمر لا تخفى أهدافه علينا لجهة تحقيق أمرين:
– الأمر الأول وهو ضمان استمرار المعركة لفترة طويلة بهدف تحقيق أكبر مستوى من الخراب والانقسام ليسهل على أميركا بسط سيطرتها وممارسة دور الوصي، ما يؤمن مصالحها على المدى البعيد.
– الأمر الثاني وهو تحقيق أرباح خيالية لشركات صناعة السلاح الأميركية كون دول المنطقة والخليجية منها بالتحديد هي التي تموّل الحرب على داعش، إضافةً الى ضمان أميركا قدرتها على نهب النفط العراقي بأسعار متدنية جدّاً.
كما أنّ الموقف الأميركي من معركة تكريت يعبّر عن امتعاض ضمني من حجم الإنجازات التي يحققها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي والعشائر وتحديداً السنيّة منها، ويعاكس الرغبة الأميركية في إطالة زمن المعركة، وانطلاقًا من هذا الموقف تجهد أميركا لتسويق الكثير من المخاوف بأنّ خوض المعركة والانتصار فيها بهذه السرعة سيزيد من الاحتقان المذهبي.
وفي هذا السياق تعمل أميركا من خلال حلفائها على تصوير مشهد مسبق يتم تسويقه عن نتائج المعركة وما سينتج عنها من مذابح مذهبية ستطال سنّة العراق، إلّا أنّ المشاركة الفاعلة للعشائر السنية العراقية في معركة صلاح الدين ووجود قوات هذه العشائر في الخطوط الأمامية بالإضافة الى الموقف المتسامح مع عشائر تعاونت مع داعش شكّلت ضربة لكل ما يساق.
أميركا المتضررة من سرعة سير المعارك ستفتش عن أي سبب لتعيق هذه الإنجازات وهو أمر يتأكد من خلال عدم تسليم الجيش العراقي الاسلحة التي اشتراها من اميركا حتى اللحظة، والتهديد بعدم تسليمها اذا ما ثبت أنّ الجيش وقوات الحشد الشعبي قاموا بارتكاب مجازر وجرائم حرب، وهو أمر يخفي أموراً قد تقوم بها أميركا عبر عملائها وأدواتها وتلصقه بالجيش العراقي والحشد الشعبي ما يؤثر على موقف العشائر السنية وتراجعها عن الإستمرار في المعركة، وقد يؤدي اذا ما حصل أمر من هذا النوع الى صدامات وليس مجرد فك ارتباط، وهو ما يجب أن تتوخى الاستخبارات العراقية الحذر فيه.
في المقابل كان الموقف الإيراني منذ بداية الإجتياح الداعشي مختلفاً، حيث قامت إيران ومنذ اللحظة الأولى بإرسال كميات كبيرة من الأسلحة لقوات البشمركة وأفرجت عن طائرات حربية عراقية كان صدام حسين أرسلها خلال الغزو الأميركي الى إيران لمنع ضربها، إضافةً الى الدعم اللوجستي والاستشاري للجيش العراقي والحشد الشعبي والعشائر.
في الجانب العسكري تخوض القوات العراقية المشتركة المعركة دون أي دعم أميركي وبدعم ايراني كامل، وعلى ما يبدو فإنّ الأمر سيكون مماثلاً في معركة تحرير الموصل، فما جرى اليوم شكّل مفاجأة للمراقبين لجهة فتح معركة بيجي والحويجة في نفس الوقت مع معركة تكريت.
عسكرياً، أنجزت القوات العراقية المرحلة الأولى من العملية، فبعد السيطرة على مساحات كبيرة من محافظة صلاح الدين استطاعت القوات العراقية ان تحقق بدايات التماس مع قوات “داعش” حيث تتمركز القوات العراقية حالياً على تخوم تكريت.
فمن الجهة الجنوبية وصلت هذه القوات الى منطقة الدور والى البو عجيل من الجهة الشرقية الجنوبية، كما أنّ هذه القوات وصلت من الجهة الشرقية الى مجمع الكليات والتي تضم المستشفى التعليمي وهي خاصرة هامة ستساعد القوات المندفعة من الجنوب للالتقاء في وسط تكريت عبر شارع الـ40.
من الجهة الشمالية استطاعت القوات العراقية أن تثبت نقاط ارتكاز واندفاع في منطقة العلم بالتوازي مع وصول هذه القوات من الجهة الغربية التي اندفعت من قاعدة سبايكر الى حي القادسية وحي الصناعة.
هذا التمركز سيتيح في فترة لاحقة تحقيق التماس المباشر مع قوات “داعش”، وما نشهده حتى هذه اللحظة لا يتجاوز عمليات جس نبض واستطلاع بالنار، ومن المؤكد أنّ القوات العراقية ستعمد الى تكتيك تقطيع الأوصال والقضم البطيء بعد إرهاق مجموعات “داعش” واستنزافها، ومن المتوقع أن تقوم بعمليات الإقتحام قوات من الوحدات الخاصة العراقية المجهزة بأسلحة وتجهيزات تتناسب مع حرب الشوارع، هذه القوات من المؤكد أنها ستضم وحدات من سلاح الهندسة للتعامل مع العبوات المزروعة والكمائن النارية.
في المقابل، جاء تقدم القوات العراقية باتجاه بيجي ليشكل مفاجأة حيث استطاعت هذه القوات أن تصل الى الفتحة وجسر الفتحة الذي دمره تنظيم “داعش” لإعاقة تقدم القوات العراقية، وهو أمر ستتم معالجته ميدانيًا بترميم الجسر وبناء جسور عائمة وربما باستخدام الزوارق الخفيفة لتنفيذ إنزالات على الضفة الأخرى.
من المؤكد أيضاً أنّ اتجاه الهجوم الحالي على بيجي سيتفرع باتجاه الشمال للسيطرة على الحويجة والالتقاء مع قوات البيشمركة التي ستكون عملياتها ضمن نطاق معين يتناسب مع حجمها العسكري.
الكثير من التفاصيل ستواكب هذه المعارك إلّا أنّ العنوان الرئيسي لها هو القضاء على “داعش”، وهو أمر لا يعلم أحدٌ مدته الزمنية إلّا أنه أصبح أمراً قيد الإنجاز.
الجانب السلبي الذي ستعكسه هذه المعارك هو أنّ فلول “داعش” في العراق لن تجد لها منفذاً إلّا شرق سورية، وهو موضوع يجب التنبه إليه والبدء بإغلاق الحدود مع سورية إن أمكن، أو تسيير عدد كبير من طائرات الاستطلاع بدون طيار بشكلٍ مستمر لضرب هذه الفلول بالطيران الحربي، وهذا ما يعني تفعيل التنسيق الاستخباراتي بين العراق وسورية.
ختاماً: أعتقد أنّ التنبه للأميركيين يجب أن يكون على رأس أولويات المخطّطين للمعركة وعلى جدول اهتمام الحكومة العراقية التي يجب أن تفعّل علاقتها مع القيادات السنية وتشركها في آليات اتخاذ القرار.
*ضابط سابق (خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية)

سلاب نيوز -عمر معربوني

 

iraq-Army-War

.

.

عن الادارة

إدارة الشبكة - تصميم - تحرير -متابعة
x

‎قد يُعجبك أيضاً

السعودية تخطط لحرب برية على سورية

السعودية تخطط لحرب برية على سورية حرب السعودية البرية على سورية لا في اليمن بين ...