مَنْ أنشأ «القاعدة» أوجد «داعش»
قصة التلفيق الأمريكي في محاربة الإرهاب بعد صناعته
يبدو أنه لا مناص من استذكار قصة «وحش فرانكشتاين» نظراً لتشابه حبكتها الفنية مع حبكة القصة الأمريكية الحقيقية مع صناعة وحش الإرهاب في أماكن مختلفة من العالم ثم إطلاق ماكينة الأكاذيب حول «محاربته» وعلى المرء أن يكون غاية في السذاجة ليتمكن من تصديق ذلك، والمستوى العالي ذاته من السذاجة كان ضرورياً ليقبل العقل الرواية الأمريكية بكل ما رافقها من صخب عن «ملاحقة» بن لادن في كهوف تورا بورا الأفغانية وكأن «القاعدة» وبن لادن ذاته ليس صناعة أمريكية بالتحالف الوثيق مع الوهابية السعودية.
ولعل استذكار قصة «وحش فرانكشتاين» يفرضها في كل مرة تواتر المعلومات بشكل شبه يومي عن ضلوع الولايات المتحدة في نشوء تنظيم ما يسمى «داعش» كنسخة محدثة عن «القاعدة» وارتداء قناع «المحارب الصنديد» لهذا التنظيم الإرهابي الذي ينفذ مخططات صانعيه ويقدم خدمات غاية في الأهمية مثلما فعلت «القاعدة»، وهذا ما استوقف الأكاديمي الروسي سيرغي ميخييف رئيس معهد دراسات التعاون في حوض قزوين الذي قال: «الأمريكيون متورطون بعلاقتهم مع داعش وهم من هيأ له المناخ المناسب لتمدده وانتشاره ولا أستبعد أن الأمريكيين يوجهون داعش في هذا الاتجاه أو ذاك ولا ثقة بأقوالهم أبداً».
ما قاله الأكاديمي الروسي يتقاطع مع ما أكده النائب العراقي عبد الهادي الخير الله أمس من أن الولايات المتحدة لم تشارك في عمليات تكريت إلاّ لحماية «الدواعش» ولمصادرة انتصارات القوات الأمنية والحشد الشعبي، وذلك بعد يوم واحد مما قاله رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي الذي اتهم الولايات المتحدة بمحاولة تهريب أكثر من 500 عنصر من تنظيم «داعش» محاصرين في تكريت، وقبل ذلك بيوم واحد أيضاً ذكرت حركة عراقية أن عناصر «داعش» لديهم علم مسبق بالأهداف التي يقصفها طيران «التحالف الدولي»، وأن الطيران الأمريكي استهدف القطعات العسكرية العراقية التي تتقدم لمحاربة «داعش».
خبراء روس وكازاخيون: أمريكا متورطة بالعلاقة مع «داعش»
وبالعودة إلى ما قاله خبراء روس وكازاخيون في هذا الإطار، فقد أكد سيرغي ميخييف رئيس معهد دراسات التعاون في حوض قزوين أن موقف الغرب من التنظيمات الإرهابية في سورية عديم الشفافية لأن الغرب لا يمكنه أن يقاتل ما يسميها «المعارضة المعتدلة» في سورية فيما يمدها في الوقت ذاته بالدعم والسلاح.
وأشار ميخييف في مقابلة مع مراسل «سانا» في موسكو أمس إلى أن الغرب لم يتوصل بعد إلى موقف موحد بهذا الصدد والعنصر الرئيسي في عملية دعم هذه التنظيمات هو الأميركيون، وقال: ليست لدي قناعة بأن لا علاقة لهم بتنظيم «داعش» الإرهابي بل إن الأميركيين متورطون بعلاقتهم مع هذا التنظيم الإرهابي وهم من هيأ له المناخ المناسب لتمدده وانتشاره ولا أستبعد أن الأميركيين يوجهون «داعش» في هذا الاتجاه أو ذاك ولا ثقة بأقوالهم مطلقاً.
وأضاف ميخييف: يبدو أن الأوروبيين بدؤوا يشعرون بهذا الخطر وراحوا يفكرون في سياسة خاصة بهم وما الزيارات التي يقومون بها إلى سورية إلا دليل على ذلك، مضيفاً: أما الأميركيون فقد فقدوا أخلاقياً موقع الهيمنة وقيادة العالم وتعرّت مثلهم ومبادئهم السياسية والأخلاقية ولم يبق لديهم من المثل سوى مبدأ تحقيق أهدافهم الأنانية بأي طريقة من الطرق غير الأخلاقية.
بدوره أكد سيرغي ماركوف عضو المجلس الاجتماعي الروسي في مقابلة مماثلة أن الدول الأوروبية تستعد لتغيير استراتيجيتها حول سورية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة قادت ولا تزال الهجمة ضد سورية بالاشتراك مع دول في الاتحاد الأوروبي، وتبين للكثير من الدول الأوروبية مؤخراً أن هذه الاستراتيجية باءت بالفشل حيث حقق الجيش العربي السوري انتصارات مهمة على الأرض.
وأوضح ماركوف أن الغرب أدرك أن عليه أن يغير استراتيجيته لكنه لم يقرر بعد كيف يغيرها لذلك نشاهد الدول الغربية تتوافد إلى سورية بهدف إجراء محادثات ومشاورات لتحديد محور سلوكها المقبل.
وأكد ماركوف حقيقة ما أشار إليه الرئيس بشار الأسد في حديثه لمراسلي وسائل الإعلام الروسية عن أن سورية وأوكرانيا تعنيان روسيا والهدف من تأزيم الوضع في هذين البلدين هو إضعافهما.
ورأى ماركوف أن القائمين على حلف شمال الأطلسي «ناتو» يسعون للإطاحة بالقيادة الروسية الحالية وتنصيب دمى مكانها تقود روسيا، كما أنهم شنوا حملة موازية ضد إيران التي يراها الغرب بمنزلة عقبة جسيمة أمام تحقيق مآربه في الشرق الأوسط وأن الحرب التي فرضها على سورية كان لها بُعد معاد لروسيا وبُعد آخر موجه ضد إيران، أما الحرب في أوكرانيا فتهدف لإيجاد بؤرة توتر دائمة لزعزعة الاستقرار في روسيا.
بدوره أكد بولات سلطانوف رئيس معهد التعاون الدولي والإقليمي في كازاخستان أن حل الأزمة في سورية بيد الشعب السوري وأن لا أحد يملك حق البت بها وحلها سواه، منتقداً السياسات الدولية إزاء التعامل مع سورية وقال: لو كان هناك قانون دولي حقيقي لكان من يقفون ضد الحكومة الشرعية في سورية ويحاربون الشعب السوري ويدمرون بلاده قد تم ردعهم وإخراجهم من سورية.
وشدد سلطانوف على أن حقيقة ما يجري في سورية لا علاقة له بالدين وليس إلا محاولة لتغيير الحكومة الشرعية فيها بالقوة والعدوان، موضحاً أن كل ذلك يدخل في نطاق العداء للإسلام واستغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية.
وأشار رئيس معهد التعاون الدولي والإقليمي في كازاخستان إلى ازدواجية المعايير في مواقف الدول الغربية ضد كثير من القضايا فهي لا ترى في تصديرها أرتال المتطرفين المدربين والمدججين بالأسلحة من شتى بقاع العالم إلى سورية أمراً نشازاً، بينما ترى في محاولات «إسقاط» الحكومة السورية أمراً طبيعياً وتنظر إلى إسقاط الحكومة الأوكرانية بأنه كذلك أمر طبيعي.
.
.