يشوهون الصور المشرقة
هل يقبل طبيب يعمل في مشفى عام أن يعامل أباه أو أمه أو أحد أقاربه من الأصول أو الفروع كما يعامل هو المرضى المراجعين ..؟ أيضاً هل تقبل أية ممرضة تعمل في مشفى عام أن يعامل أباها أو أخاها أو أياً من أقاربها كما تعامل هي المرضى ومرافقيهم …؟
إن الإجابة بالتأكيد ستكون بعدم القبول… لكن السؤال الثاني لماذا يقدم بعض العاملين في القطاع العام الصحي –أطباء- ممرضات على ازدراء المرضى وذويهم.. وجعلهم يشعرون بعدم الاحترام بل استحضار حالة الكرام على موائد اللئام وأكثر من ذلك وكأن سبب هذا اللؤم وهذه الفظاظة في التعامل وجلافة السلوك مردهما أن العلاج والخدمة الصحية المقدمة للمريض تتم على نفقة ذلك الطبيب وتلك الممرضة وبشكل قسري لا طوعي… وكأن عملهم عبارة عن سخرة وغير مأجور…
وهم بسلوكهم هذا الذي يتناقض مع روح وجوهر المهنة إن كانوا أطباء أو ممرضات…
يزيدون آلام المريض الجسدية والنفسية….
وفي المقابل نجد هذه النماذج وهذه الكوادر تعمل في المشافي الخاصة تتزين باللطف واللباقة والكياسة وحسن التعامل مع المرضى وذويهم…
تبتعد عن الصراخ في وجه المرضى ولا تعرف وجوهها العبس…
بل تحاول دائماً أن تصطنع الابتسامة والتودد إلى كل المراجعين…
وفي هذه الحالة نشير إلى حقيقة مهمة يتغافل عنها هؤلاء وهي أنه لولا المشافي العامة ولولا الجامعات الحكومية ومشافيها التعليمية لما تمكن هؤلاء من التعلم والاختصاص وبناء اسم في عالم الطب والمعالجة…
وأيضاً بالنسبة للممرضة لولا عملها في القطاع العام لما تعرف عليها أصحاب المشافي الخاصة… لذلك فإن هؤلاء بحاجة إلى إعادة تأهيل، وإن لم ينجح معهم التأهيل فعلاج قسوتهم وغلظتهم وجلفهم ولؤمهم وتنكرهم لأبناء وطنهم من المرضى والمراجعين وتنكرهم أيضاً لوطنهم يتطلب أن يعالجوا كما يعالج سرطان الثدي من خلال إبعادهم عن القطاع العام الصحي حتى لو احتجنا إلى تعديل الأنظمة والقوانين، فهؤلاء يشوهون صورة الدولة ويسيئون لجهودها.. وهم يحاولون رسم صورة للدولة تشبه قبح سلوكهم…
ورغم كل الضغوط والعقوبات الظالمة والتدمير الممنهج الذي تنفذه عصابات الغدر والإجرام والإرهاب لكل بنى الدولة ومرافقها لا تزال الدولة تقدم العلاج المجاني لكل مواطنيها… لكن هؤلاء يسيئون لكل الجهود الخيرة والنبيلة التي تبذلها الدولة لذلك فإن إحدى المعالجات لواقعهم يمكن أن تكون من خلال الاشتراط على أمثالهم قبل تعيينهم أن يقبلوا أن يكونوا وجهاً حسناً للدولة من خلال سلوكهم وأي خلل بهذا الالتزام يستلزم التشدد في محاسبتهم..
تشرين – محمد الرفاعي
.